إسرائيل تنهي تحقيقها مع الأستاذة الجامعية نادرة شلهوب كيفوركيان

إسرائيل تنهي تحقيقاتها مع الأستاذة الجامعية نادرة شلهوب كيفوركيان

02 مايو 2024
صورة متداولة للأكاديمية العربية نادرة شلهوب كيفوركيان من إحدى الندوات (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الشرطة الإسرائيلية أنهت تحقيقها الرابع مع الأكاديمية نادرة شلهوب كيفوركيان، المتهمة بالتحريض على العنصرية والإرهاب، في سياق استهدافها بسبب مواقفها المعارضة للحرب على غزة.
- التحقيقات ذات طابع سياسي، حيث وُجهت لشلهوب كيفوركيان تهم التحريض والتضامن مع منظمة إرهابية، وتعتبر المرة الأولى التي يُحقق فيها مع أكاديمي بخصوص أبحاثه.
- استهدافها تضمن تعليق مهامها التدريسية من قبل الجامعة العبرية بسبب مواقفها ضد الحرب، ورغم تراجع الجامعة عن القرار، استمرت حملات التحريض ضدها، مما أدى إلى بدء تحقيقات جنائية بإيعاز من الوزير إيتمار بن غفير.

أنهت الشرطة الإسرائيلية تحقيقها الرابع مع الأكاديمية العربية نادرة شلهوب كيفوركيان المتّهمة بـ"التحريض على العنصرية والإرهاب"، من دون تحديد موعد استدعاء آخر، بحسب ما جاء في بيان نشره المحامي علاء محاجنة الموكَّل بالدفاع عن الأستاذة المحاضرة في الجامعة العبرية في القدس بعد ظهر اليوم الخميس.

وكانت نادرة شلهوب كيفوركيان قد استُهدِفت منذ الأيام الأولى من الحرب على قطاع غزة، وذلك استناداً إلى مواقفها السياسية التي تعارض هذه الحرب المدمّرة المستمرّة لليوم الـ209. وكان رئيس قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة الإسرائيلية يغئال بن شالوم قد أصدر، في الرابع من إبريل/نيسان الماضي، توصية إلى النيابة العامة تقضي بفتح تحقيق ضدّ الأكاديمية العربية بتهمة "التحريض".

وفي إطار عملية استهداف نادرة شلهوب كيفوركيان المتواصلة، استُهلّت سلسلة التحقيقات معها في 18 إبريل/ نيسان الماضي، عندما اعتقلتها الشرطة الإسرائيلية من منزلها الواقع في القدس المحتلة واقتادتها إلى مركزها في "مفسيرت تصيون" بضواحي القدس. وقد عمد عناصر الشرطة الذين اعتقلوا الباحثة والأستاذة الجامعية، حينها، إلى مصادرة هاتفها الذكي وجهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بها، بالإضافة إلى مخطوطات للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وكتاب باللغة العبرية صادر عن "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" من تأليف الكاتب مردخاي كريمنتسير، وفقاً للمعلومات التي كشفها محاجنة في بيانه.

وتَبيَّن في وقت لاحق، بحسب محاجنة، أنّ الشرطة الإسرائيلية حصلت على أمر اعتقال مسبق في حقّ نادرة شلهوب كيفوركيان وعلى أمر تفتيش منزلها من قبل قاضٍ في محكمة الصلح بالقدس. وفي صبيحة اليوم التالي، أُحضرت للمثول أمام المحكمة بهدف تمديد اعتقالها على ذمّة التحقيق مدّة سبعة أيام، غير أنّ المحكمة رفضت ذلك وأمرت بالإفراج عنها لعدم توفّر أسباب لاعتقالها. لكنّ الشرطة استأنفت قرار الإفراج عنها أمام المحكمة المركزية في القدس التي رفضت بدورها الاستئناف وأكّدت قرار محكمة الصلح بالإفراج عنها فوراً.

على الرغم من ذلك، أصرّت الشرطة الإسرائيلية على المضيّ في ملاحقة نادرة شلهوب كيفوركيان، فاستدعتها إلى ثلاثة تحقيقات إضافية، آخرها كان اليوم الخميس في الثاني من مايو/ أيار 2024، وفقاً لما جاء في بيان محاجنة الذي أوضح أنّ التحقيقات تركّزت على بودكاست بثّه "شارع المقدسي" على منصة إكس في التاسع من مارس/ آذار الماضي، عرضت الأستاذة العربية فيه نتائج أبحاث ودراسات أكاديمية أعدّتها أثناء عملها محاضرةً في الجامعة العبرية في القدس.

تهمة "التحريض على العنصرية والإرهاب"

وخلال التحقيقات التي أجريت مع نادرة شلهوب كيفوركيان، وُجّهت إليها تهمة التحريض على العنصرية والعنف والإرهاب، وأيضاً تهمة التضامن مع منظمة إرهابية من خلال نشر مديح أو دعم أو تماهٍ مع منظمة إرهابية، علماً أنّ النائب العام قد صدّق على بدء تحقيق معها بناءً على شبهات تتعلّق بالتحريض فقط. وكشف وكيل الأكاديمية العربية أنّ الأسئلة التي وُجّهت إليها في التحقيقات شملت مواضيع سياسية مثل مكانة القدس وفقاً للقانون الدولي، وسياسات إسرائيل في القدس المحتلة، وحملات الإبادة التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وعن مصادر معلوماتها في الأبحاث التي أعدّتها ومواضيع سياسية عديدة أخرى، بالإضافة إلى مصطلحات أكاديمية وردت في أبحاثها.

وقد شدّد المحامي علاء محاجنة، في بيانه اليوم، على أنّ التحقيقات وحملة الملاحقة برمّتها "سياسية في جوهرها"، وأنّها تأتي بتوجيه مباشر من الوزير المكّلف والمسؤول عن الشرطة إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي الإسرائيلي)، ووصفها بأنّها "غير مسبوقة"، إذ إنّها المرّة الأولى التي يُحقَّق فيها مع أكاديمي بخصوص أبحاث أعدّها ونشرها في دوريات مرموقة تصدر عن جامعات عالمية لها اسمها وثقلها في المجال الأكاديمي. وتدّعي الشرطة الإسرائيلية أنّ الأبحاث التي أعدّتها نادرة شلهوب كيفوركيان تحرّض على العنف والعنصرية، وأنّ حديثها من خلال البودكاست يُعَدّ بثّاً تصفه الشرطة بأنّه "تماهٍ مع منظمة ارهابية".

لكنّ أبحاث نادرة شلهوب كيفوركيان ليست حديثة، وهي كانت قد نُشرت قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المتواصلة لليوم الـ209. ويبدو، بحسب محاجنة، أنّ السلطات الإسرائيلية سعت من خلال التحقيق مع الأكاديمية العربية إلى وضع قواعد جديدة لحرية التعبير عن الرأي والحرية الأكاديمية، الأمر الذي يتوافق تماماً مع سياسة الملاحقات السياسية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية في حقّ المواطنين العرب منذ بداية الحرب على غزة. وقد أتت، في سياق ذلك، عشرات الاعتقالات التي طاولت ناشطين وطلاباً وفنّانين وآخرين من أبناء المجتمع الفلسطيني. وفي المقابل، لم تتّخذ السلطات الإسرائيلية حتى اليوم أيّ إجراء ضدّ حملات التحريض التي يشنّها سياسيون ومحاضرون وفنّانون من المجتمع الإسرائيلي، والتي تعرّض أبناء المجتمع العربي للخطر.

وفي تعليق على موافقة النائب العام الإسرائيلي على منح الشرطة إذناً بالتحقيق مع نادرة شلهوب كيفوركيان، وصف محاجنة الأمر بأنّه "انزلاق خطر" صوب تقييد جديد لحرية التعبير عن الرأي، لا سيّما أنّ الشرطة الإسرائيلية لم تلتزم بالموافقة التي حصلت عليها وحقّقت معها بأمور عديدة سياسية وأكاديمية. وأوضح المحامي أنّه بنهاية تحقيق اليوم الخميس، وُجّهت إلى الأكاديمية العربية تهم من خارج تلك الموافقة، وهو أمر يؤكد مدى تعسفية هذه الاجراءات وعشوائيتها، علماً أنّها في الأساس عير قانونية وغير منطقية.

هكذا بدأ استهداف نادرة شلهوب كيفوركيان

وفي بيانه الذي أصدره اليوم، أفاد محاجة بأنّ قضية نادرة شلهوب كيفوركيان وبداية استهدافها تعودان إلى قرار الجامعة العبرية في القدس التي أعلنت في 12 مارس الماضي عن تعليق مهامها التدريسية، وذلك على خلفيّة تعبيرها عن مواقفها المناهضة للإبادة الجماعية التي تُرتكب في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي. وقد استنكرت الجامعة، في قرار، وصف نادرة شلهوب كيفوركيان الحرب على غزّة بأنّها "حرب إبادة وتجويع". يُذكر أنّ قرار تعليق عمل الأستاذة المحاضرة أتى نتيجة حملة تحريضية ضدّها قادتها أوساط في المجتمع الإسرائيلي، بمن في ذلك إعلاميون ووزراء وأعضاء كنيست.

وفي 27 مارس نفسه، تراجعت الجامعة العبرية في القدس عن قرارها، وأعادت تسليم نادرة شلهوب كيفوركيان مهامها فوراً. وعلى الرغم من تراجع الجامعة عن خطواتها غير القانونية والتوضيح الذي نشرته في هذا الإطار، فإنّ حملات التحريض ضدّ الأكاديمية العربية استمرّت، لا بل زادت حدّتها. وأوضح محاجنة، في بيانه، أنّ سياسيين ووسائل إعلامية وأوساطاً يمينية، على رأسهم الوزير إيتمار بن غفير، ضلعوا في تلك الحملات. وقد عمد الأخير إلى الإيعاز للشرطة بالبدء في تحقيقات جنائية ضدّ الأكاديمية، بهدف تخويفها والانتقام منها، وذلك بعد فشل محاولات الجامعة إنهاء عملها لعدم توفّر أسس قانونية لذلك.

ونقل محاجنة عن موكّلته نادرة شلهوب كيفوركيان امتنانها للالتفاف والتضامن المحليَّين والعالميَّين، الأمر الذي مثّل "حجر أساس لثباتها أمام الهجمة التحريضية المسعورة" التي تستهدفها منذ أشهر. وشدّدت الأكاديمية العربية على ضرورة الاستمرار في التصدّي لسياسة تكميم الأفواه والترهيب التي تنتهجها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي، وعلى الواجب الأخلاقيّ للعمل على وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والإبادة الجماعية في حقّ الفلسطينيين فيه. وعبّرت كذلك عن امتنانها لـ"مركز عدالة" (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل) ومديره حسن جبارين اللذَين رافقاها في قضيّتها وللجهود التي بذلاها في هذا السياق.

المساهمون