رئيسا قبرص والمفوضية الأوروبية يزوران بيروت: ماذا ينتظر منهما لبنان؟

رئيسا قبرص والمفوضية الأوروبية يزوران بيروت: ماذا ينتظر منهما لبنان؟

02 مايو 2024
لاجئون سوريون في بيروت في طريقهم للحافلات للعودة لبلادهم، 29 أغسطس 2019 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية يزوران لبنان لمناقشة ملف اللاجئين السوريين مع المسؤولين اللبنانيين، مع التركيز على تشجيع العودة الطوعية للاجئين إلى سوريا.
- تم التأكيد على الدعم الأوروبي والقبرصي للبنان في استضافة اللاجئين، مع وعود بالمساعدة في تسهيل عودتهم الطوعية وتقديم الدعم داخل سوريا.
- الوضع الإنساني والأمني في لبنان يتأثر بشكل كبير بوجود اللاجئين، مع ضغوط لتنظيم عودتهم الطوعية ودعوات للمجتمع الدولي لدعم هذه الجهود.

يجول الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، اليوم الخميس، على المسؤولين اللبنانيين لإجراء مباحثات موسَّعة حول ملف اللاجئين السوريين وسط تعويلٍ لبناني على اتخاذ المجتمع الدولي خطوات جديدة لحلّ الأزمة وإعادة النظر في سياساته بشأن أمن سورية والمناطق التي أصبحت آمنة للعودة.

وتأتي زيارة الرئيس القبرصي، وهي الثانية له إلى بيروت في أقلّ من شهرٍ، استكمالاً للمباحثات التي كانت نتيجتها التوافق على أن تقوم قبرص بمسعى لدى الاتحاد الأوروبي لوضع إطار عملي مع لبنان على غرار ما حصل بين الاتحاد الأوروبي وكل من مصر وتونس، في خطوة رأى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن من شأنها أن تمنح حكومة بلاده المزيد من المساعدات الضرورية وإعطاء اللاجئين السوريين حوافز للعودة إلى بلدهم.

ومن المقرّر أن يستقبل ميقاتي في باحة السرايا الحكومية، صباح الخميس، الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، حيث تقام لهما مراسم الاستقبال الرسمية، على أن تلي ذلك خلوة ثلاثية، يعقبها اجتماع موسّع بحضور الوفود الرسمية المشاركة.

في هذا الإطار، يقول وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين لـ"العربي الجديد"، إنّ "زيارة الرئيس القبرصي تأتي استكمالاً لزيارته الأولى إلى بيروت في الثامن من إبريل/نيسان الماضي، للبحث بملف النازحين السوريين وضبط الحدود البحرية، في ظل الهجرة غير الشرعية، ولا سيما منها إلى قبرص التي وصل إليها خلال الأشهر الماضية أكثر من أربعة آلاف مهاجر، علماً أنّ هذا العدد يعتبر عادياً جداً إذا ما تمّت مقارنته بالأعداد الموجودة في لبنان".

ويضيف شرف الدين: "هناك وعود تلقّاها رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي من الرئيس القبرصي للقيام بمسعى جدّي بإعطاء النازحين السوريين حوافز لمساعدتهم داخل سورية، ما يعدّ بمثابة حلّ مهمّ للراغبين بالعودة الطوعية، كما تلقى ميقاتي في السياق نفسه وعوداً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اجتماعهما الأخير بتغيير الموقف الفرنسي من وجود النازحين السوريين في لبنان، وتقديم الحوافز لهم للعودة، على أن يتم طرح الموضوع خلال مؤتمر بروكسل في مايو/أيار الجاري، ونتمنى أن تكون هذه الوعود كلّها صادقة".

من ناحية ثانية، يشير وزير المهجرين إلى أنه "بدأنا تجهيز اللوائح المرتبطة باللاجئين السوريين الراغبين بالعودة الطوعية، وأتممنا اثنتين حتى الآن وقدمناهما إلى الأمن العام اللبناني الذي بدوره سيرسلهما إلى الأمن الوطني السوري للتدقيق فيهما ومراجعتنا على ضوء ذلك، وتنطلق بعدها القوافل، على أمل أن يتم ذلك قريباً".

وفي زيارته الأولى إلى بيروت، قال كريستودوليدس إن "قبرص تتفهم الأوضاع اللبنانية وحساسية الموضوع بالنسبة إلى لبنان وأهمية الحل النهائي والشامل لهذا الموضوع، عبر الضغط على الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية لاستيعابهم التحديات التي يواجهها لبنان، وفي الوقت نفسه نحن نتفهم موقف لبنان الرسمي بأنّ الحلّ النهائي لن يتم إلا عبر عودتهم إلى أراضيهم، خصوصاً أنّ هناك مناطق معينة أصبحت آمنة في سورية، وأكثرية النازحين هم نازحون اقتصاديون، وعلى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية العمل لتمويل مشاريع إنمائية في سورية وتحفيز عودتهم إلى بلادهم لحل هذه الأزمة التي لا تضرب أمن لبنان وقبرص فقط بل أمن البحر المتوسط". وشدد الرئيس القبرصي على أن بلاده تدعم لبنان في كافة المحافل الدولية عبر زيادة الدعم التقني والمادي لمؤسسات الدولة اللبنانية بما فيها الجيش اللبناني.

كما شكل ملف اللاجئين السوريين (تعتمد السلطات اللبنانية توصيف النازحين)، مادة نقاش أساسية على طاولة اللقاء الأخير بين ميقاتي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون، بحيث جدّد رئيس الوزراء اللبناني مطالبة المجتمع الدولي بالقيام بواجباته في حلّ معضلة اللاجئين التي ستنسحب تداعياتها على أوروبا خصوصاً.

وتمنّى ميقاتي على ماكرون أن يطرح على الاتحاد الأوروبي موضوع الإعلان عن مناطق آمنة في سورية، بما يسهّل عملية إعادة اللاجئين إلى بلادهم، ودعمهم دولياً واوروبياً في سورية وليس في لبنان.

مصدر مقرّب من ميقاتي: نأمل أن تتحقق الوعود الأوروبية بحل أزمة اللاجئين السوريين

وقال مصدر مقرّب من ميقاتي لـ"العربي الجديد": "نأمل أن يؤدي الحراك الحاصل إلى نتيجة بحلّ أزمة النازحين السوريين في لبنان، وأن تتحقق الوعود التي نتلقّاها، حيث من المهم أن يتم الإعلان عن مناطق آمنة في سورية بما يفتح مسار العودة"، مشيراً إلى أنه "لا نسعى إلى طرد اللاجئين السوريين من لبنان بل تنظيم الوجود، والإبقاء على كل من تتوافر فيه شروط الإقامة على الأراضي اللبنانية، وهو ما نعمل عليه اليوم مع الأجهزة الأمنية والبلدية في ظل المخاطر التي تحيط بلبنان من جراء الأعداد الهائلة للاجئين السوريين على أراضيه".

وعقب خطف وقتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية (يرأسه سمير جعجع)، باسكال سليمان، من قبل عصابة سرقة، أفرادها سوريون، ارتفع الخطاب التحريضي ضد اللاجئين السوريين في لبنان، ووصل الهجوم إلى حدّ التعرّض لبعض السوريين بالضرب والاعتداء ضمن نطاق بيروت وكسروان وجبيل وإقفال محالهم، كما زادت إجراءات البلديات المتخذة بحقهم.

وترافق ذلك مع إعلان قناة "أم تي في" اللبنانية عن تقديمها دعوى قضائية ضدّ الدولة اللبنانية بقضية اللاجئين السوريين غير الشرعيين الموجودين على الأراضي اللبنانية، واضعة هذا الوجود في إطار "الاحتلال المُقنّع".

وسبق ذلك، انطلاق حملة من إعداد شركة "فينومينا"، ورعاية قناة "أم تي في"، ودعم جهات ومنظمات لبنانية وغير حكومية، تحت عنوان "Undo The Damage before it’s too late"، أو "تراجعوا عن الضرر قبل فوات الأوان"، بموضوع اللجوء السوري، وضرورة عودتهم إلى أراضيهم، وذلك رغم التقارير الدولية التي تفيد بأنّ سورية لا تزال غير آمنة للعودة.

ويأتي ذلك أيضاً مع بدء السلطات اللبنانية تنفيذ خطوات في إطار تسليم سجناء سوريين إلى النظام السوري، ودراستها خططاً لأجل مسار شامل، وقد تم تكليف المدير العام للأمن العام اللبناني بالإنابة، اللواء إلياس البيسري، بإعادة التواصل مع السلطات السورية لإيجاد حل لملف السجناء والمحكومين السوريين في سجون لبنان، علماً أنّ هؤلاء السجناء يفضلون الموت على تسليمهم إلى النظام السوري، وقد ترجم ذلك قبل فترة قصيرة بمحاولة أربعة موقوفين الانتحار في سجن رومية المركزي احتجاجاً على تسليم السلطات اللبنانية أحد المعارضين إلى النظام السوري.

وتحدثت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير لها، الأسبوع الماضي، عن تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان، مشيرة إلى أنه "في الأشهر الأخيرة، احتجزت السلطات اللبنانية سوريين تعسفياً وعذبتهم وأعادتهم قسراً إلى سورية، وبينهم نشطاء في المعارضة ومنشقون عن الجيش".

وقال رمزي قيس، وهو باحث لبنان في "هيومن رايتس ووتش": "فرض المسؤولون اللبنانيون لسنوات ممارسات تمييزية ضد السوريين المقيمين في البلاد كوسيلة لإجبارهم على العودة إلى سورية، التي ما زالت غير آمنة"، مضيفاً: "الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والترحيل بحق السوريين الذين يواجهون خطر الاضطهاد المثبت إذا عادوا، هي نقاط تمعن في تلطيخ سجل لبنان في التعامل مع اللاجئين".

المساهمون