"مسار غزة"... فلسطينيون يقتفون آثار التاريخ والعدوان

"مسار غزة"... فلسطينيون يقتفون آثار التاريخ والعدوان

29 ابريل 2024
انطلقت المرحلة الجديدة من خيام مدينة رفح (مسار غزة)
+ الخط -
اظهر الملخص
- انطلق مشروع مسار غزة السياحي الثقافي بمبادرة من جمعية المتحدين الثقافية وبدعم من يونسكو لإحياء الثقافة وتعزيز دور الشباب في الحفاظ على الموروث الثقافي، متضمناً تنظيم مسارات للمواقع الأثرية بمشاركة أكثر من 250 متطوعاً.
- بعد الحرب، تم إطلاق مرحلة جديدة من المشروع تركز على تعريف النازحين بالمواقع التاريخية المدمرة وتنظيم ورش لرسم هذه المواقع، بالإضافة إلى التخطيط لترميم موقع تل زعرب الأثري في رفح.
- توسع المشروع ليشمل مواقع تاريخية ومتاحف في رفح مثل تل السلطان ومتحف المختار يحيى زعرب، مع خطط لإقامة معرض صور ورسومات للمواقع الموثقة قبل وأثناء الحرب، مؤكداً على الخطر الذي يمثله الاحتلال على الإرث الثقافي.

بدأ فريق مكوّن من خمسة أعضاء في جمعية المتحدين الثقافية الاجتماعية، في شهر أغسطس/آب الماضي، مشروع مسار غزة السياحي الثقافي، بالشراكة مع اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، وبتمويل من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، بهدف استنهاض الحالة الثقافية داخل غزة، عبر تعزيز دور الشباب في الحفاظ على الموروث الثقافي في القطاع، بدءاً من مدينة غزة نفسها، وهو ما كان، وفق ما يقول حاتم أبو طه منسق المشروع لـ"العربي الجديد".

مسار غزة نحو المواقع التاريخية

يلفت أبو طه إلى أن المشروع يقوم على فكرة تنظيم مسارات إلى المواقع الأثرية والمباني التاريخية التي تعج بها غزة المدينة والقطاع، بهدف تعريف طالبات وطلاب الجامعات، وقتذاك، بهذه المواقع، لتأطير الحالة الآثارية والتاريخية في غزة بمجهود شبابي، "لقناعتنا بأن ثمة نوعا من الإهمال الرسمي لها".
ما قبل العدوان، انتظمت في إطار المشروع العديد من المسارات في مدينة غزة، كحي الدرج الذي يعج بالمواقع الأثرية والتاريخية، ويعتبر محور البلدة القديمة في غزة، وشارع القيسارية وسوقه التاريخي الشهير الذي يعود إلى العهد المملوكي، وشيّد قبل أكثر من 500 عام.
ومن المباني الأثرية والتاريخية التي تم تنظيم مسارات إليها: قصر الباشا، وكان بمثابة متحف لمدينة غزة يحوي العديد من القطع الأثرية النادرة، وكذلك المقبرة الإنكليزية، والجامع العمري الذي يقارب عمره القرن، وحارة الذهب أو سوق الذهب المجاور له. وكان الأخير، حتى الحرب، ومنذ مئات السنوات، موقعاً لصياغة الذهب وبيعه، إضافة إلى منازل تاريخية لعائلات تعود لمئات السنوات، كبيت السقا.
يشير طه إلى أن أكثر من 250 متطوعة ومتطوعاً كانوا يشاركون في المشروع، رفقته ومن معه من الفريق الإداري للجمعية، مشيراً إلى أن بعضهم استشهد، وبعضهم مجهول المصير، والغالبية العظمى منهم نزحوا إلى رفح، لافتاً إلى أنه ورغم تشتّت الفريق، إلا أنه أطلق مرحلة جديدة ما بعد الحرب، بعد أن أعادوا لملمة أنفسهم من داخل مخيّمات نزوحهم في رفح.
يقول طه إن ما دفعهم لإطلاق مسار غزة الثقافي السياحي من جديد، هو ذلك التحدي الذي خلقه الاحتلال داخلهم، بتدميره المتعمّد لكل المواقع الأثرية التي نظموا المسارات إليها في غزة المدينة، وغيرها من المواقع في شمال القطاع ووسطه، مؤكداً أن طائرات الاحتلال ودباباته ومسيّراته وسفنه البحرية لم تنفذ حرب إبادة بحق الشعب الفلسطيني فحسب، بل أبادت كافة مواقعه الأثرية والتاريخية، فالاحتلال يعمد إلى محو أي دلائل حضارية لغزة المدينة والقطاع، وينزع ثوبها الأثري والتاريخي عنها.

في رفح

يشير طه إلى أن المرحلة الجديدة التي انطلقت من خيام مدينة رفح، يشرف عليها من تبقى على قيد الحياة أو تمكن من النزوح إلى الجنوب من فريق الجمعية، إضافة إلى سبعين متطوعة ومتطوعاً، وبدأت بالتعريف بالمواقع والمباني والمنازل والحارات والأحياء التي تم تدميرها في مدينة غزة والشمال، و"كنا فيها قبل أقل من شهرين على اندلاع الحرب".
ومع اتساع المستهدفين إلى فئات أصغر سنّاً ممن هم في غالبيتهم العظمى من المقيمين داخل الخيام في رفح، وقدموا من شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، نُظمت ورش تدريبية ذات بعد تاريخي وفني، عُرضت فيها صور وفيديوهات للمواقع التي أُبيدت، فيما يعمل اليافعون على رسمها.
أما المسارات التي تنتظم في إطار المشروع، فهي بالأساس إلى موقع تل زعرب، المعروف بتل رفح، وقصف أكثر من مرة، وتضررت أجزاء كبيرة منه، يتم العمل من خلال فريق "مسار غزة" على ترميمه بالقدر المستطاع، وبالتنسيق مع العائلات التي نزحت إلى ذلك الموقع الذي يحوي آثاراً كنعانية، وفرعونية، ورومانية، ويونانية، وبيزنطية، وإسلامية، وهو في أقصى جنوب القطاع على الحدود مع جمهورية مصر العربية، وكان موقعاً عسكرياً، وبمثابة بوابة فلسطين الجنوبية.

إضافة إلى تل زعرب، جرى تنظيم مسارات إلى مواقع تاريخية ومتاحف في محافظة رفح، جنوب قطاع غزة، من بينها: تل السلطان الأثري، وحي خربة العدس الأثرية وفيها العديد من المقتنيات الأثرية، ومتاحف شخصية مُتوارثة، أبرزها متحف المختار يحيى زعرب، وغيرها.
يوضح طه أن النشاط الختامي لمشروع "مسار غزة"، سيكون عبر معرض صور ورسومات للمواقع الأثرية والتاريخية في موقع تل زعرب أو تل رفح الأثري، التي أنجزت ما قبل الحرب وإبّانها، ويأمل أن يكون في مطلع مايو/أيار المقبل، محذراً من كارثة بشرية وكذلك أثرية في حال نفذت قوات الاحتلال تهديداتها باجتياح رفح.

المساهمون