فساد بوزارة التموين المصرية: الاستيلاء على 203 ملايين جنيه من الدعم

فساد بوزارة التموين المصرية: الاستيلاء على 203 ملايين جنيه من قيمة الدعم

القاهرة

العربي الجديد

avata
العربي الجديد
توقيع
22 فبراير 2024
+ الخط -

حصل "العربي الجديد" على تقرير هيئة الرقابة الإدارية في مصر والمرسل إلى النيابة العامة تحت بند "سري للغاية"، بشأن التحريات والفحص الخاص بقضية فساد كبرى بوزارة التموين والاستيلاء على 203 ملايين جنيه من أموال قيمة الدعم (الدولار 30.9 جنيهاً)، والمتورط فيها مستشار وزير التموين والمدير والعضو المنتدب التجاري والفروع بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية، و35 متهماً، والمتعلقة بالاستيلاء على سلع مدعمة استراتيجية، منها السكر والزيت والأرز.

وتبين من ملف الفحص ورود معلومات تفيد بتواطؤ مستشار وزير التموين ومسؤولي "مشروع جمعيتي" التابع لشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية مع بعض أصحاب المنافذ بمحافظة القاهرة، من خلال تسهيل استيلائهم على كميات من السلع المدعمة الاستراتيجية (السكر والزيت والأرز)، خلال الفترة من شهر يناير/ كانون الثاني 2022 حتى يونيو/حزيران 2023 تقدر قيمتها بمبلغ نحو 203 ملايين جنيه دون وجه حق.

وشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية هي إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية ومسؤولة عن تدبير السلع الغذائية وغير الغذائية، منها السلع التموينية لمستحقي الدعم، وذلك من خلال منافذ "جمعيتي". وبتاريخ 17 أغسطس/ آب 2023، جرى دمج شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية، والتي تعمل بالنشاط ذاته مع شركة النيل تحت مسمى شركة النيل للمجمعات الاستهلاكية.

ومشروع "جمعيتي" هو أحد المشروعات التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية، وجرى تنفيذه بهدف زيادة عدد المنافذ السلعية على مستوى محافظات الجمهورية المصرية لتوفير السلع بأسعار مناسبة للمواطنين وتوفير فرص عمل للشباب. ويقوم كل صاحب منفذ لـ"جمعيتي" بصرف السلع التموينية لمستحقي الدعم، وحدد المشروع بعض المعايير التي يجب توافرها في كل من المتقدمين.

فساد وتواطؤ

وبمراجعة أعمال صرف السلع لبعض أصحاب منافذ "جمعيتي" خلال الفترة من شهر يناير/ كانون الثاني 2022 وحتى شهر يونيو/حزيران 2023، أمكن فحص أعمال 23 صاحب منفذ "جمعيتي" من إجمالي 541 بنسبة 5%، كنسبة عشوائية للفحص، وتبيّن تورطهم جميعا في أعمال فساد، حيث تبين استيلاؤهم جميعا على حوالي 203 ملايين جنيه تمثل قيمة السلع المنصرفة لهم بالزيادة عن النسب المستحقة لهم، وعدم صرفها للمواطنين وبيعها بالسوق السوداء دون وجه حق، وبالتواطؤ مع مسؤولي مشروع "جمعيتي" بالشركة محل الفحص، وذلك من خلال اتباع عدة أساليب.

وجاء في مقدمة الأساليب صرف كميات من السلع الغذائية المدعمة (السكر والزيت والأرز) لبعض أصحاب منافذ "جمعيتي" بموجب أذون صرف من الشركة، وبمطابقتها من خلال مراجعة تقارير المبيعات الفعلية لشركة البطاقات الذكية تبين أن تلك السلع لم يتم صرفها للمواطنين وغير موجودة بمخازن الشركة. وأيضاً صرف كميات من السلع لبعض أصحاب منافذ "جمعيتي" بنسب تتخطى النسبة المقررة لهم قانونا وتزيد عن الحصص المقرر صرفها للمواطنين بمنظومة الدعم من خلال تلك المنافذ.

كما أسفرت التحريات والفحص المستندي والرجوع للمصادر عن عدة أمور، وهي أنه بفحص البيانات المعدة بمعرفة مسؤولي قسم الحاسب الآلي بالمشروع المتضمنة أعداد المستفيدين الفعليين والنسب الصحيحة الواجب صرف السلع لأصحاب المنافذ بموجبها، تبين قيام مدير المشروع والمحاسبين التابعين له بتحرير استعاضات متضمنة سلعا أزيد من المقررة لأصحاب المنافذ، فضلا عن إقرارهم بأنه يجب إعداد تلك البيانات طبقا للنسب الواردة بالتوجيهات الوزارية، ولا يجوز صرف السلع لأصحاب المنافذ بكميات أزيد من النسب المقررة طبقا لتوجيهات وزير التموين والتجارة الداخلية.

مخالفات مختلفة

وبالرجوع لعدد من أصحاب منافذ "جمعيتي" محل الفحص ومناقشتهم على سبيل الاستدلال، أقرّوا بأنه كان يتم سداد مبالغ مالية مقابل تسهيل صرف كميات كبيرة من السلع زيادة عن المقرر لهم.

وقد أسفر الفحص عن أن المخالفات ترجع مسؤوليتها لكل من مدير مشروع "جمعيتي" بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية خلال فترة الفحص، والعضو المنتدب المالي والإداري، بالتواطؤ والاشتراك مع مستشار وزير التموين.

وتبين قيام المتهمين باستغلال موقعهم الوظيفي وإصدار تعليمات للمحاسبين (مسؤولي الاستعاضات) بتحرير استعاضات لعدد 23 صاحب منفذ "جمعيتي" - العينة العشوائية محل الفحص - متضمنة سلعا بنسب أزيد من المقررة لهم، رغم علمهم بعدم قيامهم ببيع تلك السلع للمواطنين، وفقا لتقارير شركة البطاقات الذكية وبيعها بالسوق السوداء، وتسهيل استيلائهم على قيمتها، والتي يقدر إجماليها طبقا لما أمكن حصره بحوالي 203 ملايين جنيه بالاتفاق معهم مقابل حصولهم على مبالغ مالية لأنفسهم.